الاثنين، 27 فبراير 2017

رحالة هاديء!

وظيفة هذا الشاب هي قلب الموازين. كلُّ ما تعرفهُ عن الشخصية المكاوية من شقاوة وطرواة وصخب، يختفي على عتبة هذه الشخصية. هادئٌ، ساكنٌ، عثمانيُ الحياء، يطيل التفرس فيما حوله. شخصية مربكة: أكثرُ حياءً من أن يكون رحالةً، وأكثر فضولاً من أن يكون مستقراً. مكّاويٌ تلبسته شخصية المدينة المنورة!
هل يمكن أن يكون الرحالة هادئا؟
في دخولي الأول إلى الهوستيل. كنت أنجذب للأعلى صوتاً من الرحالة. فهو حتماً يعرف أكثر. يُطْرِب أكثر.  أنجذب للبرازيلين والأسبان والأمريكان. يتصرفون بثقة تنفي تهمة الجهل. يتحدثون عن المدينة كمن صمم شوارعها. أندس بينهم مقتنعاً بإنهم سيأخذوني بمرحٍ إلى قلب الرحلة والإستكشاف. التجربة معهم كانت جميلة و سوداوية.
 تدريجياً أدركت بإن عمق الرحالة لا علاقة له بعلو الصوت. الألمان من أهدأ الشعوب، ومن أشطرهم في الرحلة. على النقيض يأتي الطليان، أعلاهم صوتاً وأسوأهم فهماً للمجتمعات. إبراهيم السرحان، أعاد لي هدوءه تأكيد المفاهيم. الحياء لا يمنع من خوض المجتمعات. بل قد يساعد مع الوقت في كسب ثقة الناس.
تعلمت في يومين معه درساً جديداً، الهادئ منصتٌ جيد، مستسلمٌ لرغبات ضيفه. يحفزك على التحدث أكثر، والإنكشاف أكثر. سجيته الصادقة، تكسبه شفافية مريحة. تجعلك تكشف ما تخفيه عادة أمام الآخرين، بكل أريحية.
 راقني الهدوء المشوب بالثقة،هل أنجح في التحول إلى رحالة كـ"العروس في خدرها"؟ أشكّ. لكن إبراهيم وحده قد ينجح في ذلك.

من لي بمثل سيركَ المدللِّ *** تمشي الهوينى وتجي في الأولِ