الجمعة، 30 يونيو 2017

سياحة المسلسلات


تفاجأ شاهين بقفزة كبيرة في أعداد السياح الذين يزرون مقهاه. مقهى عائلي -يديره مع زوجته وابنه - مغمور في الجانب الآسيوي من اسطنبول. أعداد الزائرين تتضاعف يومياً لتبلغ مئتي وخمسون زائراً في اليوم. السبب أنه تم تصوير مسلسل تركي بعنوان "ما هي جريمة فاطمة غول؟" في مقهاه من سنتين. لم يكن شاهين المحظوظ الوحيد. فصاحب فيلا مهند ونور، وصاحب مقهى  العشق الممنوع كلهم استفادوا من دعاية المسلسلات وإن كانت غير مباشرة.
كانت الانطلاقة الأضخم لمسلسل مهند ونور في عام 2005. اشتهر هذا المسلسل في العالم العربي حتى قدر عدد الذين شاهدو الحلقة الأخيرة بخمسة وثمانين مليون مشاهدة.بلغ أمر المسلسل أن اصدر مفتى السعودية فتوى بتحريم نشر ومتابعة المسلسل. واصدر الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان فتوى مشابه. لكن ذلك لم يمنع من أنتشار المسلسل. ارتقت بعدها تركيا سلم الدراما. في عام 2011
سائحة خليجية في مقهى فاطمة غول
صنفت تركيا ثاني أكبر مصنع للمسلسلات بعد الولايات المتحدة. تفوقت على المكسيك وكوريا وحلت في المركز الثاني. صحيح أن مسلساتها أضعف من الأمريكية إلا أنها اقتحمت اسواقاً جديدة: الشرق الأوسط، آسيا الوسطى، البلقان.لتحصد مسلسلاتها على مائة وخمسين مليون مشاهد! في أكثر من سبعين دولة. وهو رقم مهول في عالم الدراما.
وهنا بدأت تتضاعف أعداد السواح العرب بشكل ملحوظ. صحيح ان المسلسلات ليست السبب الوحيد لذلك. لكنها قطعاً سبب مهم لاستقطاب السياح. تماماً مثل ما جذبت هوليوود آلاف السياح لزيارة الولايات المتحدة. والمستفيد في النهاية هم العاملون في مجال السياحة بكل صنوفها: ابتداءً من بائع المتجول وانتهاءً باصحاب الفنادق وشركات الطيران.  وفي سنوات طفرة المسلسلات التركية بين 2010 و 2012 تضاعف عدد السواح الكويتيين من 27,000 إلى 65,000 والأماراتيين من 30000 إلى 48,000 والسعوديين من 85,000 إلى 175.000 سنوياً.

للأسف المسلسلات العربية تضعف فيها الدراما. ويقل فيها الترويج السياحي لجماليات البلد. بل إن بعض المسلسلات مؤخراً مثل "غرابيب سود" تصور لك العالم العربي متشحاً بالسواد والرعب. بينما المسلسلات التركية تصور لنا تركيا كبلدٍ شرقي يميل إلى أوروبا. تتطور فيه الأزياء والجماليات والبيوت والمقاهي. وهي ليست نظرة واقعية عن حال البلد، لكنها ناجحة في غسل عقولنا للسياحة والتنزه. نحتاج أن يتضمن إعلامنا نظرة جمالية وسياحية عن بلداننا. ويبدأ ذلك من خلال تعاقد هيئات السياحة وشركات السياحة مع المنتجين والمخرجين لكي يقوموا باعلانات غير مباشرة عن سياحتنا. لكن قبل ذلك يجب أن ترتقي مسلسلاتنا في مادتها الدرامية والتصويرية حتى تجذب الغير لمشاهدتها.